ما معنى الإيلاء في قوله تعالى : للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر.. شاهد
تربص أربعة أشهر أي : ينتظر الزوج أربعة أشهر من حين الحلف ، ثم يوقف ويطالب بالفيئة أو الطلاق . ولهذا قال : فإن فاءوا أي : رجعوا إلى ما كانوا عليه ، وهو كناية عن الجماع ، قاله ابن عباس ، ومسروق والشعبي ، وسعيد بن جبير ، وغير واحد ، ومنهم ابن جرير رحمه الله فإن الله غفور رحيم أي : لما سلف من التقصير في حقهن بسبب اليمين .
وقوله : ( فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم فيه دلالة لأحد قولي العلماء وهو القديم عن الشافعي : أن المولي إذا فاء بعد الأربعة الأشهر أنه لا كفارة عليه . ويعتضد بما تقدم في الآية التي قبلها ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فتركها كفارتها ” كما رواه أحمد وأبو داود والذي عليه الجمهور
وهو الجديد من مذهب الشافعي أن عليه الكفارة لعموم وجوب التكفير على كل حالف ، كما تقدم أيضا في الأحاديث الصحاح . والله أعلم .وقد ذكر الفقهاء وغيرهم في مناسبة تأجيل المولي بأربعة أشهر الأثر الذي رواه الإمام مالك بن أنس ، رحمه الله ،
في الموطأ ، عن عمرو بن دينار قال : خرج عمر بن الخطاب من الليل فسمع امرأة تقول :تطاول هذا الليل واسود جانبه وأرقني ألا خليل ألاعبه فوالله لولا الله أني أراقبهلحرك من هذا السرير جوانبهفسأل عمر ابنته حفصة ، رضي الله عنها : كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها ؟ فقالت : ستة أشهر أو أربعة أشهر .
فقال عمر : لا أحبس أحدا من الجيوش أكثر من ذلك .وقال : محمد بن إسحاق ، عن السائب بن جبير ، مولى ابن عباس وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما زلت أسمع حديث عمر أنه خرج ذات ليلة يطوف بالمدينة ، وكان يفعل ذلك كثيرا ;
إذ مر بامرأة من نساء العرب مغلقة بابها [ وهي ] تقول .تطاول هذا الليل وازور جانبه وأرقني ألا ضجيع ألاعبهألاعبه طورا وطورا كأنما بدا قمرا في ظلمة الليل حاجبهيسر به من كان يلهو بقربه لطيف الحشا لا يحتويه أقاربهفوالله لولا الله لا شيء غيره لنقض من هذا السرير جوانبهولكنني أخشى رقيبا موكلا ا بأنفسنا لا يفتر الدهر كاتبهثم ذكر بقية ذلك كما تقدم ، أو نحوه . وقد روى هذا من طرق ، وهو من المشهورات .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيمفيه احدى وعشرون مسألة :الأولى : قوله تعالى : للذين يؤلون ” يؤلون ” معناه يحلفون ، والمصدر إيلاء وألية وألوة وإلوة .
وقرأ أبي وابن عباس ” للذين يقسمون ” .
ومعلوم أن ” يقسمون ” تفسير ” يؤلون ” .
وقرئ ” للذين آلوا ” يقال : آلى يؤلي إيلاء ، وتألى تأليا ، وائتلى ائتلاء ، أي حلف ، ومنه ولا يأتل أولو الفضل منكم ، وقال الشاعر :فآليت لا أنفك أحدو قصيدة تكون وإياها بها مثلا بعديوقال آخر :قليل الألايا حافظ ليمينه وإن سبقت منه الألية
برتوقال ابن دريد :ألية باليعملات يرتمي بها النجاء بين أجواز الفلاقال عبد الله بن عباس : كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك ، يقصدون بذلك إيذاء المرأة عند المساءة ، فوقت لهم أربعة أشهر ، فمن آلى بأقل من ذلك فليس بإيلاء حكمي .
قلت : وقد آلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلق ، وسبب إيلائه سؤال نسائه إياه من النفقة ما ليس عنده ، كذا في صحيح مسلم .
وقيل : لأن زينب ردت عليه هديته ، فغضب صلى الله عليه وسلم فآلى منهن ، ذكره ابن ماجه .
الثانية : ويلزم الإيلاء كل من يلزمه الطلاق ، فالحر والعبد والسكران يلزمه الإيلاء .
وكذلك السفيه والمولى عليه إذا كان بالغا غير مجنون ، وكذلك الخصي إذا لم يكن مجبوبا ، والشيخ إذا كان فيه بقية رمق ونشاط .
لمتابعة القراءة اضغط على الرقم 6 في السطر التالي 👇