قصة رائعة حكاية نعمّان ابن السلطان
….. أكل نعمان وأعجبه الطّعام فلقد مل من أكل التمر ثم جاء الشّاي فأحس الولد بالراحة بعد الأيام التي أمضاها وهو يدور في الصحراء وفكر في حيلة يدخل بها إلى الواحة
وفي الأخير قال لما أصل سأتدبر الأمر ولن أرجع إلا بالنخلة وفي الغد نهضا فجرا وركبا جمليهما وسارا ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع ظهرت لهما الواحة من بعيد وكانت فيها الأشجار والمياه وتحلق في سمائها الأطيار
ثم توقّف البدوي وقال: سأرتاح تحت تلك التلة وسأنتظرك حتى ينتصف النهار ثم أرحل هل مازلت مصرا على الذهاب ؟ فأومأ له نعمان برأسه ثم همز جمله وسار
ولما إقترب رأى غديرا فيه جارية تستحم وتغني فوقف ينظر إليها بإعجاب وفجأة إستدارت إليه فرأى أن لها عينا واحدة أما الجارية فقالت له : أيها الغريب ألا تستحي من النظر إلي ؟
أجابها: وما :يمنعني من ذلك فنحن لسنا من نفس الجنس ثم إني أجد أنك جميلة أحست بالزهو وقالت له: أحقا تعتقد ذلك ثم خرجت من الماء ووضعت ملابسها
ولمّا إقتربت منه رأت أنه حسن المنظر وفي مثل عمرها فأعجبها وقالت له :نحن في العادة نقتل كل من يقترب منا لكني لن أفعل ذلك ،فلا يبدو عليك أنك لص ومظهرك يوحي أنك من الأمراء أنا إسمى سعدى وأبي سيّد القوم
تعال إليه فهو رجل ذو مروءة وشهامة وحين رآه أفراد القبيلة تجمعوا حوله وأخرجوا مخالبهم ليقتلوه لكن البنت قالت :إنه في حمايتي والويل لمن يقترب منه
دخلت سعدى إلى أبيها وقالت له : ضيف بالباب فتعجب وقال : منذ متى يأتينا الضيوف يا إبنتي وخرج لإستقباله ودعاه للدخول ثم أمر بإعداد طعام للضيف وسأله من أي البلاد أنت وما الذي أتى بك إلى هذا المكان البعيد ؟
فأخبره بقصته ،فحك الشّيخ ذقنه وقال :دعنا نأكل الأوّل ونشرب فلا شك أنك متعب من السفر وبعد أن إستراح نعمان قال الشيخ :أعطيك النخلة على شرط أن تهديني شيئا
فأخرج له صرّة الياقوت
فأجابه : ما أريده هو إحدى عينيك
ترّجاه الفتى لكن الشّيخ أصر وصاح :لن تخرج من هنا قبل أن احصل على ما طلبته ثم أمر بحبسه في أحد الخيام فجاءته الفتاة وقالت له: كيف يمكنني أن أساعدك ؟
فأجابها: اذهبي للتلة ستجدين أحد رفاقي قولي له أن يقترب من هنا فإذا رآه القوم طاردوه وقبل أن تخرجي إقطعي قيودي والياقوت هو هدية إليك
وبعد قليل سمع الصيحات بين الخيام فأطل برأسه ورأى الأغوال تجري وراء البدوي وترميه بالحجارة فأسرع إلى جمله وركبه وفي الطريق قلع على نخلة صغيرة من جذورها وفر بسرعة البرق محدثا كثيرا من الغبار خلفه
ولحق بالبدوي الذي قال :والله ما جملك من إبلنا فقد عرفت ذلك منذ ان رأيته ثم سار معه وأراه الطريق وما هي إلا يومين حتى وصل إلى القصر فوجد أمه في أسوأ حال من القلق عليه
ولما شاهدته جرت إلي وهي تقول: لقد نصحتك بالابتعاد عن أبيك ،لكنّك لم تسمع كلامي ويوما ما سيقتلك ذلك اللعين ويتركني أبكي بقية عمري على موتك
أجابها : ليس هذا وقت اللوم فلقد أحضرت ما طلب أبي
ثم خرج من القصر ومشى قليلا حتى وجد مكانا أعجبه زرع فيه النخلة وسقاها وسمدها وفي الصباح تعجب لما وجد أنها قد كبرت
وفي اليوم الثاني ظهرت العراجين والأغصان وفي الثّالث امتلأت بالتمر والرمان وجاء الناس فأكلوا ورموا النّوى فنبتت بعد أيام أشجار صغيرة وقيل له أن تلك الأرض مدفون فيها ولي صالح ونمو الأشجار بتلك السرعة هو من كراماته
لمّا سمع السلطان بما حصل نادى عجوزة الستوت وقال لها :ما أغبى نصيحتك كنا ننتظر موته فنجا وبدل أن يكون له نخلة صار له بستان وهو الآن يطعم الفقير ويكسي المحتاج ،
وقد إلتفّ حوله الناس من البسطاء أريدك أن تجدي حلا لقتله قبل أن يعظم أمره
ففكرت وقالت: الحل يا مولاي أن نرسل إليه من يحرق القصر والبستان فإذا فعلنا ذلك ضعف شأنه وانفض النّاس من حوله
قال السلطان : لكن سيشكّ الجميع في أني من دبر المكيدة أجابت: ليس إذا اعترف أحدهم بأنه قام بذلك لأن الأمير يأوي السحرة والمشعوذين في القصر وأنّ تلك النخلة العجيبة هي من أعمال السحر وهكذا نضرب عصفورين بحجر واحد : نقضي على قوته ونشوه سمعته
ضحك السّلطان ،وقال: ما أشد خبثك والله الشّيطان نفسه لا يفكر في ذلك ثم إختار عشرين من أقوى حرسه وطلب منهم تنفيذ المهمة دون أن يعلم أحد
حكايا نعمّان إبن السّلطان
لمتابعة القراءة اضغط 5 في السطر التالي👇👇