كم بلغت مدة حمل السيدة مريم بسيدنا عيسى عليه السلام؟
ونزاهتها ودينها وعبادتها ثم تأمل ما هي فيه فجعل أمرها يجوس في فكره لا يستطيع صرفه عن نفسه ، فحمل نفسه على أن عَرَّض لها في القول ، فقال : يا مريم إني سائلك عن أمر فلا تعجلي عليّ . قالت : وما هو ؟ قال : هل يكون قط شجر من غير حب ؟ وهل يكون زرع من غير
بذر ؟ وهل يكون ولد من غير أب ؟ فقالت : نعم ، وفهمت ما أشار إليه ، أما قولك : هل يكون شجر من غير حب ؟ وزرع من غير بذر ؟ فإن الله قد خلق الشجر والزرع أول ما خلقهما من غير حب ولا بذر . وهل يكون ولد من غير أب ؟ فإن الله تعالى قد خلق آدم من غير أب ولا أم . فصدقها وسَلَّم لها حالَها .
ولما استشعرت مريم من قومها اتهامها بالريبة انتبذت منهم مكانا قصيا أي قاصيا منهم بعيدا عنهم لئلا تراهم ولا يروها قال محمد بن إسحاق فلما حملت به وملأت قلتها ورجعت استمسك عنها الد,م وأصابها ما يصيب الحامل على الولد من الوصب والترحم وتغير اللون حتى فطر لسانها فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل زكريا وشاع الحديث في بني إسرائيل فقالوا إنما صاحبها يوسف ولم يكن معها في الكنيسة غيره وتوارت من الناس واتخذت من دونهم حجابا فلا يراها أحد ولا تراه ”
انتهى كلام ابن كثير رحمه الله .
والله أعلم .